يرجع البعض أصول الفكر المادي إلى أفلاطون ( ت 347 ق م ) إذ اعتقد أن المادة أزلية و هي سابقة على الفكر الذي هو مجرد انعكاس للواقع المادي.كما تبنى  المؤرخ اليوناني " ثيكوديديس" ( 460- 395 ق م ).(ت 1704) و كوندرسييه  Condorcet ( ت 1778)  و مونتسكيوMontesquieu ( ت 1857).

تميزت بتهميش دور المسيحية على الحياة العامة، و النظر إلى الثروة على أنها هي الهدف الأسمى للإنسان، و قد دعم هذا النظرة التقدم العلمي الذي مكن الإنسان من التصرف في الكثير من الموارد المادية ، حتى اعتقد أنه لا شيئ وراء المادة، بالإضافة إلى ذلك فقد

الماركسية المادية هي . كارل ماركس Karl Marx الاقتصاد السياسي و الفلسفة 1844 ، الإديولوجية الألمانية 1846، البيان الشيوعي 1848، نقد الاقتصاد السياسي ، رأس المال ج 1 سنة 1867، و بعد وفاته أكمل إنجلز إصدار الجزء الثاني و الثالث سنة 1883 و 1894. و لإنجلز كتب أخرى :

و كريستوفر هيل Christopher Hill و في فرنسا : بيار فلار  Pierre Vilar و جورج دوبي Georges Duby.

:

و تعني المناظرة أو " فن الوصول إلى الحقيقة من خلال النقاش و كشف التناقضات في أقوال الخصم". 

:

عالم الطبيعة كما عالم الإنسان

كانت الملكية في المجتمعات البدائية مشاعة لان القوة كانت موزعة بين أفرادها، و لكن تعذر الاستمرار على هذا النمط عندما لم يعد قادرا على تلبية حاجات الناس، و أول تغير حدث داخل المجتمع البدائي هو انفصال القبائل الرعوية عن الحرفيين، مما أدى إلى تقسيم العمل بظهور أفراد متخصصين في إنتاج سلعة معينة يحتاج إليها غيره، فظهرت الملكية الخاصة التي تنتقل إلى الآخرين عن طريق المقايضة ، و لكن مع اكتشاف الحديد و البرونز ظهرت مرحلة تاريخية جديدة هي مرحلة الإنسان صانع الآلة، أفرزت تحولات على مستوى النظام الاجتماعي بسبب تعقد عملية تقسيم العمل، خاصة مع نشأة الزراعة و  الملكية الزراعية التي أفضت إلى بروز تحولين هامين في التاريخ على مستوى الأسرة و المجتمع هما: ظهور السلطة الأبوية و الانتساب إلى الأب لأنه المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي الذي كان هو الغالب و السائد، و انقسام المجتمع إلى طبقة ملاك الأرض أو الإقطاعيون و هي الطبقة السيدة و المتحكمة، و طبقة الرقيق، ثم طبقة التجار، و كان هناك صراع بين هذه الطبقات الثلاث لتباين مصالحها، لكن الغلبة دائما كانت لصالح الإقطاعيين، و قد أدى هذا المشهد الاقتصادي- الاجتماعي إلى احتقار العمل اليدوي، و الإعلاء من شأن التفكير النظري، كما حدث في المجتمع اليوناني القديم.  لاحظ ماركس و أتباعه أن النظام الإقطاعي يعاني من تناقض داخلي و المتمثل في تحكم الطبقة غير المنتجة ( الإقطاعيون) في الطبقات المنتجة ( التجار و الرقيق)، لكن مع توسع النشاط التجاري و نمو المدن،  و اختفاء التعامل بنظام المقايضة و ظهور نظام النقد، و ازدياد رأس المال التجاري،  ظهرت طبقة البرجوازيين باعتبارها طبقة تقدمية صاعدة، و دخلت في صراع ضد النظام الإقطاعي الرجعي، و قد بلغ هذا الصراع ذروته خلال الثورة الفرنسية 1789، التي أدت إلى وصول البرجوازية إلى السلطة، و سيادة النظام الرأسمالي الذي اعتمد على مبررات إيديولوجية وفرتها له الفلسفة الليبرالية و أخلاق المنفعة لآدم سميث ( 1723-1790) و بنتام ( 1748- 1832)متخذا شكلا  حلزونيا بناء  على مفهوم نقض النقيض و هذه أهم الأسس التي تنبني عليها  فكرة التطور:

إذا كان هيجل ( ت 1831) يعتبر أن كل ما يحدث في العالم الخارجي ليس إلا مجرد الشكل الخارجي لعملية التفكير  وأنه من صنع المثل العليا، فإن ماركس يرى أن البيئة الاقتصادية و ما يصاحبها من تحولات هي من يصنع الفكر، و عليه فإن صراع المتناقضات لا يحصل في عالم الأفكار كما يزعم هيجل بل في الواقع المادي للبشر. يقول ماركس في كتابه رأس المال" إن أسلوبي الديالكتيكي ليس مجرد أسلوب مخالف لأسلوب هيجل و إنما هو عكسه تماما".

المبالغة في اعتبار العامل الاقتصادي في تفسير التاريخ والظواهر الاجتماعية، و قد حدث هذا في حياة كل من ماركس و إنجلز و اعتبراه انحرافا، و نجد أيضا الفيلسوف الإيطالي الماركسي "انطونيو غرامشي" ( ت 1937) ينتقد هذا  التوجه الذي أطلق عليه بالاقتصادوية l’economisme المبالغة في إظهار دور الطبقة الكادحة في صنع التاريخ و اتهام ملاك وسائل الإنتاج بأنهم السبب وراء كل المآسي. بالإضافة إلى هذه المآخذ هناك مأخذ آخر يستخلص من تحليل و فهم غاية  التفسير المادي للتاريخ

هذه الغاية مرتبطة بالحاضر و المستقبل و ليس بالماضي أي أن هدف التفسير المادي ليس فهم الماضي و تحليله،  بل فهم الحاضر الذي أفرزه النظام الرأسمالي و الكشف عن تناقضاته التي تجعله غير قادر على الاستمرار، و البديل الذي تبشر به المدرسة المادية هو الشيوعية و إقامة مجتمعات لا طبقية ، و على ضوء هذه النظرة الخاصة للحاضر و المستقبل يلجأ المؤرخ المادي إلى تفسير الماضي، و هذا يعني أنه يفتقد الموضوعية في  دراسته لأنه لا ينطلق من الرغبة في فهم  تاريخ الأنظمة الاجتماعية و محاولة التعرف على أسباب قيامها و زوالها ، و لكن من نقد الحاضر الذي صنعه النظام الرأسمالي، و بعد ذلك يعود إلى الماضي و يفسره كما يقتضيه فهمه و تحليله للنظام الرأسمالي.

و قد عرف انتشارا واسعا لأسباب سياسية و اقتصادية ،  كنجاح الثورة البلشفية في روسيا سنة 1917، و ظهور أنظمة حكم فاشية في كل من إيطاليا  و ألمانيا،  و أيضا الأزمة الاقتصادية لسنة 1929، و انضمام الصين و أوروبا الوسطى و الشرقية إلى المعسكر الاشتراكي، و قد تبنت بعض أنظمة الحكم في  العالم الثالث التوجه الماركسي  كاليمن الجنوبي و إثيوبيا ، رغم أن الماركسية حسب مؤسسيها أعدت للدول الرأسمالية المتطورة.

( صاحب النظرية الاجتماعية ) و الألماني هابرماس Habermas الذي يرى أن المدرسة في المجتمع الرأسمالي تخدم مصالح الطبقة المهيمنة.

 


مما لا شك فيه أن القرآن الكريم أحدث في حياة العرب نقلة نوعية، و ثورة فكرية و عقدية، أدت إلى تغيير مجرى التاريخ في شبه الجزيرة العربية، ثم في العالم بعد ذلك، و كل هذا جرى عبر مراحل بطبيعة الحال و ليس دفعة واحدة. الذي يهمنا هنا، الحديث عن مدرسة منهجية إسلامية. فما المقصود بها؟ و متى ظهرت؟

القرآن الكريم سورة الذاريات الآية 20-21

عماد الدين خليل، مدخل إلى الحضارة الإسلامية، المركز الثقافي العربي، ط.1،  المغرب،  1426ه- 2005م، ص-ص. 109- 110.  

2)    توظيفا(3)أنور الجندي، أسلمة المناهج و العلوم و القضايا و المصطلحات المعاصرة، دار العلوم للطباعة، القاهرة، 1986م، ص. 73.

2)    عماد الدين خليل،  المرجع السابق، ص.111.

4)   

 

) : " إن العرب طوّروا بتجاربهم و أبحاثهم العلمية ما أخذوه من مادة خام عن الإغريق، و شكلوه تشكيلا جديدا فهم في الواقع الذين ابتدعوا طريقة البحث العلمي الحق القائم على التجربة"(4)

غوستاف لوبون، حضارة العرب، ترجمة: عادل زعيتر، مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة، مصر، 2013م، ص. 471.

2)    عماد الدين خليل، مرجع سابق، ص. 100

4)   

 مديرأكاديمية العلوم بنيويورك :" أعتقد أن العالم رسالة مشفرة (codé الذي خلص إلى أن العالم المادي يقوم على شيئ ليس ماديا. و قد شاع بين الكثير من الرياضيين و الفيزيائيين أن العالم كله يقوم على سحابة من الأعداد موجودة خارج الزمن، و في عالم منفصل عن عالمنا المادي.(1)

)(2) ، و لعله من متطلبات منزلة الشهادة التي خص الله تعالى بها أمة محمد صلى الله عليه و سلم أن تكون مُلِمَّة بمعارف الحضارات السابقة، يقول الباحث السوداني محمد أبو القاسم حاج محمد بهذا الصدد: " فنحن أمة وسط عجنتها و تعجنها حضارات خمسة آلاف عام ... كما تستوعبة حضارات الشمال مثل الفرعونية و السومرية و الأكادية و الفينيقية و الفارسية..."(3)

عمر نقيب( إشراف): سؤال المنهج عند مالك بن نبي، منشورات مركز الأصالة للدراسات و البحوث ، الجزائر، 2023، ص-ص. 11-12.

2)    محمد أبو القاسم حاج حمد، أبستمولوجية المعرفة الكونية إسلامية المعرفة و المنهج، دار الهادي للطباعة و النشر، ط.1، بيروت، لبنان، 1425ه- 2004م، ص.21.

4)   

 

: لقد حذر القرآن الكريم في مناسبات كثيرة من إلغاء العقل، و تقليد الآباء و الأجداد، لأن التقليد يفسد تفكير الإنسان، و يحجب عنه الحكم السليم على الأمور. و التقليد كما هو مجرب في تاريخ المجتمعات، من الأسباب التي يساعد على انتشار التعصب، بل و اكثر من ذلك فقد  تطمس بصيرة المقلد و ينزل بعقله إلى مستنقع الكفر. يقول الله تعالى:  (

2)    القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية 70. 

4)   

عباس محمد حسن سليمان، المرجع السابق، ص-ص. 83-85

2)    قائمة المراجع:

2.   محمد أبو القاسم حاج حمد، أبستمولوجية المعرفة الكونية إسلامية المعرفة و المنهج، دار الهادي للطباعة و النشر، ط.1، بيروت، لبنان، 1425ه- 2004م.

4.   عمر نقيب( إشراف): سؤال المنهج عند مالك بن نبي، منشورات مركز الأصاتلة للدراسات و البحوث ، الجزائر، 2023.

6.   أنور الجندي، أسلمة المناهج و العلوم و القضايا و المصطلحات المعاصرة، دار العلوم للطباعة، القاهرة، 1986.

8.   عبد الكريم محفوظ( ترجمة) : عبقرية الحضارة العربية منبع النهضة الأوروبية، الدار الجماهيرية للنشر و التوزيع و الإعلان،  ط.1، ليبيا، 1399ه- 1990م .

10.                ستانوود كب، المسلمون في تاريخ الحضارة، ترجمة: محمد فتحي عثمان، الدار السعودية للنشرو التوزيع، ط.1، جدة، المملكة العربية السعودية، 1402ه- 1982م.

 


تاريخ تونس الحديث 2