( ت 354م)  فالتاريخ عنده يسير وفق خطة إلهية، و العالم مقسم إلى مدينتين:  مدينة أرضية و مدينة سماوية تنشب بينهما حرب تمتد إلى نهاية العالم، حتى يأتي المسيح عليه السلام و يفصل بينهما في آخر الزمان، لتعم العالم السعادة الأبدية ، نجد هذا المعنى عند جاك بوسويه Jacques Boussuet ( وقعت غرب نهر زال Saale فحركة التاريخ حسب المنظور الماركسي ستؤدي إلى نهاية الإنسان الأناني، و استعادته  لكيانه النوعي و ماهيته الحقيقية، عندما تتحرر الطبقات الكادحة و تزول الطبقية في المجتمع و تتحقق مملكة الحرية.

) ليطمئن صناع القرار ببلده، و يبشرهم بأن التاريخ لم يعد مجالا لصراع الأفكار، و  أن لم يعد يتسع بعد سقوط الشيوعية إلا للديمقراطية الليبرالية الغربية، التي أصبحت تمثل الخيار الأمثل و الأخير للبشرية. و قد ارتبط مفهوم نهاية التاريخ في القرن العشرين بظاهرة العولمة ، التي يمكن اعتبارها الوجه الآخر لها، و قد كانت هي الحدث الأبرز، على مستوى العالم،  أفرز واقعا اقتصاديا و سياسيا و ثقافيا جديدا.  يقوم خطاب العولمة على مقولة نهاية الإيديولوجيات التي انتشرت عقب انهيار الأنظمة الاشتراكية و تراجع الفكر الماركسي، و يعتبر فوكوياما من أبرز المروجين لهذه المقولة ، التي تناولها في كتابه الشهير " نهاية التاريخ و الإنسان الأخير الصادر سنة 1992 و يتمحور حول الفكرة التي كان قد طرحها قبل ذلك سنة 1989 في مقال بعنوان " نهاية التاريخ " .     

أي اعتراف الإنسان بمقامه و كرامته الذاتية، و المصطلح يعود للفيلسوف اليوناني أفلاطون( ت 348 ق م) ، حيث استعمله في كتابه الجمهورية ، عندما قسم الكائن الإنساني إلى ثلاث مركبات : جزء راغب و جزء عاقل و جزء أطلق عليه التيموس أو روح الحياة الذي يعبر عن نزوع ا إنسان نحو الاعتراف بكرامته عن طريق شحن الأنا بقيمة معينة و طلب الاعتراف بها،  و هو إحساس فطري فكل الناس يعتقدون أن لهم قيمة، و إذا تلقوا معاملة تنقص من قيمتهم فإنهم سيتصرفون بغضب و انفعال.

على العكس من ذلك يعتقد أن الاختلاف سيبقى مستمرا بين تلك المنظومات.

لصمويل هانتنغتون في مقال نشره سنة 1993 في مجلة الشؤون الخارجية و بعد ثلاثة أعوام نشر كتابا بنفس العنوان .  قرأ هانتنغتون التاريخ و المستقبل بطريقة مختلفة عن تلك التي قدمها فوكوياما. لقد أنكر مقولة الحضارة العالمية التي تبناها الغرب و اعتبرها مجرد إديولوجية لمواجهة الثقافات غير الغربية، و لا تعبر عن الحقيقة و الواقع الذي يعرف تعددا حضاريا و ثقافيا ، و لا يمكن للغرب أن يكون ممثلا لحضارة عالمية، و نهاية الحرب الباردة ليست علامة على سيادة النموذج اللبيرالي كما بشر فوكوياما ، بل سيعرف صراعا من نوع آخر ذو طابع حضاري و ثقافي ، و سيكون  الإيمان و الأسرة و العقيدة ميدانا لهذا الصراع  و يرى أن النظام العالمي الجديد الذي يكرس "السطوة العالمية المنفردة" لن يتحقق،  لأن العولمة  خاصة في جانبها المالي ستؤدي إلى تغذية النزاعات الطائفية و الثقافية بسبب تفكك الدول القومية العاجزة أمام سيادة السوق العالمية ، و أمام هذا الوضع سينخرط الجميع في حمى البحث عن مرجعية حامية، بالعودة إلى الأصول و تراث الأسلاف.

 

ماتلان أرمان: التنوع الثقافي و العولمة ترجمة: خليل أحمد خليل، دار الفارابي ، بيروت، 2008.